يُقال عادةً إنه لا يوجد فرد يمكن أن يكون أكبر من النادي، لكن ميسي وبرشلونة في حالة مختلفة.

في عام 2001، وصل ليونيل ميسي إلى برشلونة من خلال ورقة تحمل معلوماته. على مدى عقدين من الزمن لعبه في كامب نو، شهد مظهر برشلونة تغييرات كبيرة.

تاريخ برشلونة يمتد لـ 120 عامًا، ولكن قبل قدوم ميسي، لم يحصل النادي إلا على لقب دوري أبطال أوروبا/كأس أوروبا واحد عام 1992.

الأربعة ألقاب الأخرى لدوري أبطال أوروبا جاءت جميعها في العقدين الأخيرين.

لقد تم مقارنة مغادرة ميسي برحيل رونالدينيو. كان أسطورة كرة القدم البرازيلية هو العنصر الأكثر أهمية في أول لقب لدوري أبطال أوروبا لبرشلونة في القرن الواحد والعشرين.

لكن التأثير والقيمة الرمزية التي جلبها ميسي لبرشلونة لا يمكن مقارنتها برونالدينيو.

يجب أن نأخذ في الاعتبار أن ميسي ترك بصمته العميقة في الألقاب الثلاثة المتبقية لدوري أبطال أوروبا لبرشلونة في هذا القرن. وقد تزامن صعود ميسي إلى مستوى النجومية مع نهضة برشلونة.

قبل ميسي، كان برشلونة فريقًا كبيرًا، ولكنه لم يكن عظيمًا كما هو الحال مع ريال مدريد أو ليفربول أو بايرن ميونيخ. لقد هيمنت الأندية الثلاثة المذكورة على كرة القدم الأوروبية منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

دموع وغضب

تعكس ردود الفعل من مشجعي برشلونة بعد أن أرسل ميسي خطابًا يطلب فيه الرحيل كل شيء.

كانت هناك مشجعة تبلغ من العمر 65 عامًا تقف أمام مقر برشلونة، تتوسل ميسي للبقاء. "نحن بحاجة إليك، ليو. دع بارتوميو يرحل"، قالت.

اعتُقل ما لا يقل عن 11 مشجعًا متعصبًا من قبل الشرطة عندما اقتحموا مقر النادي الكتالوني، في محاولة "للسيطرة" بعد احتجاج.

بعد نهائي دوري أبطال أوروبا، عندما سُئل المدرب توماس توخيل عن احتمال قدوم ميسي إلى باريس سان جيرمان، أبدى تعجبه. "ميسي هو برشلونة، وبرشلونة هو ميسي"، قال توخيل.

بعد أيام قليلة، اتصل المدير الرياضي لباريس سان جيرمان ليوناردو بوالد اللاعب، خورخي ميسي. كان النادي الفرنسي يعلم أنهم أمام فرصة نادرة للتوقيع مع ليو.

بعد 34 لقبًا و634 هدفًا حققها ميسي مع برشلونة، لا يُعتبر رحيله مجرد نهاية لقصة أسطورة في نادي كرة القدم.

ماذا سيبقى من برشلونة إذا رحل ميسي؟ صورة: Getty.

"حيث يوجد ميسي، يوجد الأمل"، حسبما كتبت مدونة كرة القدم برشلونة.

ميسي وكريستيانو رونالدو هما نجمين من عمالقة كرة القدم العالمية لسنوات عديدة. وحتى في الـ 80 عامًا المتبقية من القرن الواحد والعشرين، قد لا نرى لاعبًا آخر يمتلك موهبة واستقرار استثنائي مثل الاثنين المذكورين.

لكن إذا كان رونالدو يعتبر شخصًا مغامرًا، فإن ميسي هو رمز برشلونة في عصر كرة القدم الحديثة.

ميسي هو المثال على تفوق أسلوب تدريب وتوظيف المواهب لدى برشلونة. ليو هو الماسة في تاج كرة القدم الاستثنائية التي يفخر بها برشلونة دائمًا.

رونالدو وروني أو نيمار لن يحصلوا أبدًا على شروط مثل حرية الرحيل إن أرادوا في عقودهم. ولكن ميسي مختلف. حجم ولاء وعطاء ميسي لبرشلونة كبير بما يكفي لجعل النادي مستعدًا لوضع شرط يُعتبر "انتحاريًا" في صناعة كرة القدم.

حتى قبل هذا الصيف، لم يكن من الممكن أن يتخيل رئيس برشلونة واللاعب نفسه أنه في يوم من الأيام، لن يسير كلاهما في نفس الطريق.

إن إرسال ميسي لــ "بروFax" يطلب منه الرحيل قد أحدث صدعًا كبيرًا في إرثه في كامب نو.

لقد كانت ميسي وبرشلونة عبارة عن مزيج من الأحلام في كرة القدم، والآن ظهرت بعض الشقوق. إذا أدى الأمر إلى القضاء بين ميسي وبرشلونة في المحكمة، فسيكون ذلك أسوأ ما يمكن أن يتخيله مشجعو الفريق الإسباني.

سيشعر محبو برشلونة كما لو أن جزءًا من روحهم أو ذاكرتهم قد فقد. رؤية ميسي يتألق بقميص آخر والرحيل بهذه الطريقة ستكون دائمًا مؤلمة.

ميسي وبرشلونة قد لا يعودان للمسار المشترك. صورة: Getty.

كيف ستعيش برشلونة؟

من الواضح أن بعض مشجعي برشلونة قد ينظرون إلى الجانب الإيجابي من الوضع. قد يساعد مغادرة ميسي برشلونة في تحقيق توفير أكثر من 111 مليون يورو في الرواتب سنويًا.

إذا تمكنت برشلونة من بيع ميسي بسعر يصل إلى بضع مئات من الملايين من اليوروهات، فسيتجاوز النادي الموقف المالي بشكل مؤقت.

كان الرئيس بارتوميو والعديد من أعضاء مجلس إدارة برشلونة يفكرون على نفس المنوال. وذكرت وسائل الإعلام في كاتالونيا أن أي نادي يرغب في ضم ميسي يجب أن يدفع رقمًا قياسيًا، أكبر من المبلغ الذي دفعه باريس سان جيرمان مقابل نيمار في السابق (222 مليون يورو).

إذا قرر ميسي الرحيل، فإن برشلونة يرغب في الحصول على سعر يستحقه. النادي يعاني من ديون تصل إلى 700 مليون يورو (حسب إحصائيات فوربس) ويواجه أزمة مالية خطيرة تُعد الأكثر صعوبة في تاريخه.

على المدى القصير، قد يساعد مغادرة ميسي في تحسين الوضع المالي للغاية. ولكن على المدى الطويل، سيؤدي عدم وجود ميسي في الفريق إلى تأثيرات كبيرة على علامة برشلونة التجارية.

في فبراير، قدر Financial Times أن قيمة علامة يوفنتوس التجارية ازدادت بنسبة 31.3% بعد سنتين من التعاقد مع رونالدو. وزادت الأموال التي حصلت عليها يوفنتوس من الرعاة حين كان لديهم رونالدو.

لا يزال ميسي واحدًا من العلامات التجارية في عالم كرة القدم الأكثر تأثيرًا. عندما غادر رونالدو ريال مدريد، كان الرئيس فلورنتينو بيريز قد أعد خطة شاملة لاستبداله.

أنفقوا مئات الملايين لجمع مواهب شابة من جميع أنحاء العالم. ولكن كانت تلك مجرد حلول على الميدان بشكل مؤكد.

كما اعترف المدير الرياضي السابق لريال، خورخي فالدان، بأن جاذبية علامة ريال قبل وبعد قدوم رونالدو لم تكن كما هي.

ما يحدث في برشلونة يجعل المشجعين يشعرون بسوء أكثر. لا تملك برشلونة رئيسًا بارعًا مثل بيريز، وفريق الإدارة مكون من رجال فوق الثلاثين عامًا ويعانون من تراجع كبير.

ستكون مغادرة ميسي هي الضربة الأقوى للنادي من منظور الملعب والعلامة التجارية.

يمكن لرونالد كومان أن يبني عهده الجديد مع اللاعبين الهولنديين الذين جلبهم. وساديو ماني أو نيمار هما من الأسماء التي تم تداولها كبديل لميسي في كامب نو.

ولكن جميعهم سيواجهون ضغطًا هائلًا بعد مغادرة ليو. مع نموذج الإدارة الحالي، إلى أين ستذهب برشلونة مقارنةً مع مان سيتي أو بايرن ميونيخ أو ريال مدريد؟

تتغير كرة القدم الحديثة بسرعة في السنوات الأخيرة، بينما تعود برشلونة إلى الوراء.

منذ مغادرة نيمار إلى كامب نو بمبلغ 222 مليون يورو، أنفقت برشلونة 350 مليون يورو لجلب كوتينيو وديمبيلي وغريزمان كبدائل.

وإذا لم تتمكن برشلونة من تعويض نيمار، من يجرؤ على تصديق أن النادي يمكنه تعويض ميسي؟ قد يستغرق بناء الفريق مجددًا سنوات عديدة. وعندها، قد تكون برشلونة قد تخلفت عن ريال ومدريد أو بايرن أو ليفربول من ناحية كرة القدم والمال.

ربما يشعر ميسي بالندم في يوم من الأيام بشأن قراره بالرحيل اليوم. ولكن هناك شيء مؤكد، أن برشلونة هو الطرف الذي سيخسر أكثر بغياب ليو عن الفريق.